… “أساتذة “عزمي بشارة

“أسـاتـذة” عـزمــي بـشـارة …

 غاي بخور*

 ماذا يحدث عندما تنوي قائمة عربية الـمنافسة للكنيست، ويشتمل برنامجها الحزبي على رفض وجود اسرائيل كدولة يهودية؟

 لا، ليس الحديث عن التجمع العربي الديمقراطي في زماننا، بل عن الحركة الأم له، “الارض”، ويدهشنا التشابه بين مصير مؤسسي “الارض” ومصير عزمي بشارة.

في السنين 1959 – 1965 عملت بين “عرب اسرائيل” جماعة قومية سمّت نفسها “الارض”. كانت فكرتها آنذاك تجديدية: محاربة الدولة اليهودية بالأدوات الديمقراطية الـمشروعة عامة ومحكمة العدل العليا خاصة. لقد طلبوا التكتل كجسم سياسي وأن ينافسوا بعد ذلك ايضا للكنيست كحزب، في حين لا يعترفون في برنامجهم الحزبي بوجود اسرائيل كدولة يهودية.

ترأس الحركة في الأساس عرب مسيحيون، والامر يشبه الوضع اليوم: حبيب قهوجي وصبري جريس. كان معهما صالح برانسي، وعلي الرافع، ومحمد عبد الحميد معاري ومنصور كردوش. في التركيبة التي ناقشت الاستئناف الذي قدمته “الارض”، في أعقاب قرار رفض قائمتها للكنيست، جلس آنذاك ثلاثة من العِظام: الرئيس شمعون أغرينات، ويوآل زوسمان وحاييم كوهين. قررت الـمحكمة العليا آنذاك على نحو تاريخي، واعتمادا على أحد قضاتها العِظام، القاضي ألفريد فيتكون، أنه “لا يوجد أي نظام حُر يساعد ويعترف بحركة تسعى الى تقويض النظام نفسه”.

هكذا وُلدت “الديمقراطية الـمدافعة عن نفسها” في اسرائيل.

لـم يُسمح لقائمة “الارض” بالـمنافسة للكنيست، وأصبحت تجمعا غير قانوني، ووقع بعض اعضائها في الستينيات مع “الشباك” على اتفاقات لترك البلاد كي لا يعودوا أبدا. طُرد صبري جريس، وانضم فورا الى صفوف “م.ت.ف” في بيروت. بعد ذلك ترأس معهد الابحاث الـمشهور لـ “م.ت.ف” في العاصمة اللبنانية، والذي وضع الجيش الاسرائيلي يده عليه في آب 1982 ونُقل الى البلاد للفحص، الى أن أُعيد في صفقة تبادل الأسرى. مع الوقت وبعد أن قُتلت زوجته في انفجار سيارة مفخخة انتقل جريس الى قبرص. مع عودة ياسر عرفات الى “الـمناطق” عاد معه وهو يسكن اليوم “الـمناطق” والجليل.

طُرد حبيب قهوجي في العام 1968، وعمل عميلا مع الاستخبارات السورية (“الـمكتب الثاني”)، وفي هذا الاطار أعمل شبكة التجسس اليهودية ــ العربية في البلاد، التي كُشف عنها في العام 1972 (كان من نشطائها أودي أديب من غان شموئيل). يسكن الآن دمشق، وهو نشيط في القضية الفلسطينية.

اليوم تركيبة “العليا” مغايرة وهي في ظاهر الأمر أكثر “تنورا”. تغير التوجه تحت إمرة أهارون باراك ودُفعت “الديمقراطية الـمدافعة عن نفسها” الى الزاوية، وسُمح لطائفة من الاحزاب العربية بدخول الكنيست في حين أنها معنية علنا بالغاء اسرائيل كدولة يهودية. يوجد التجمع العربي الديمقراطي على رأس هذه القوائم، وعلى رأسه  العربي (الـمسيحي) الدكتور عزمي بشارة.

هل كرر التاريخ نفسه وهل سيكون مصير مواصل طريق جريس وقهوجي التاريخي، عزمي بشارة، كمصيرهم؟.

هل يكون الدرس من قضية بشارة قبل كل شيء بالنسبة للأكثرية اليهودية، ألا نجعل الديمقراطية ووجود اسرائيل شيئين مفهومين ضمنا؟ حقا. هذه تحية وتحذير من آبائنا القانونيين لا يجوز تجاهلهما.

عن “يديعوت احرونوت”

* كاتب اسرائيلي مستشرق.

[ نشر في جريدة “الايام” (رام الله)، 13/4/2007 ]
الأرشيف