لا فرعون في مصر

 لا فرعون في مصر

صبري جريس

   أكثر من 1300 (ألف وثلاثمائة) مصري تقدموا إلى اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة في مصر، وفق تصريح صدر عن متحدث باسم اللجنة، للاستعلام عن متطلبات وشروط الترشيح للانتخابات الرئاسية في البلد أو سحب النماذج الخاصة بذلك. ومن بين أولئك قدم 23 شخصاً مستندات ترشحهم لتلك الانتخابات.

   ولأول وهلة يبدو أن هذا الاهتمام المبالغ به بالانتخابات الرئاسية المصرية، من قبل المئات من مواطني ذلك البلد، الذين يوضح مجرد استفسارهم عن شروط الترشيح لتلك الانتخابات أنهم فكروا، ولو مرةً واحدة على الأقل، في خوض المعركة الانتخابية وطمحوا للوصول إلى سدة الرئاسة، ليس إلا تعبيراً عن الحالة الديمقراطية التي راحت تسود البلاد في أعقاب ثورات “الربيع العربي”. إلا أن الواقع عكس ذلك تماماً، إذ لا يشير إلاّ إلى فوضى عارمة راحت تجتاح مصر، بعد أن تفتتت قواها السياسية وراحت تناحر بعضها البعض. وهذا وضع لن يكون بالإمكان معه إقامة حكم مستقر يستطيع السير بالبلد نحو بر الأمان، والعمل على حل مشاكله المزمنة، وخصوصاً الاقتصادية ـ الاجتماعية منها، وذلك دون التطرق إلى اتجاهه السياسي. فلم نسمع مرة أن هنالك بلداً في العالم، أي بلد، وصل عدد الطامحين فيه للوصول إلى كرسي الرئاسة إلى أكثر من ألف شخص. وفي مصر، التي ربما كانت أول بلد في العالم عرف نظام الحكم المركزي وواضح المعالم، وذلك منذ أيام الفراعنة قبل الاف السنين، يبدو مثل هذا الوضع أشبه بكارثة، ستكون لها نتائجها السلبية بعيدة المدى ليس على مصر وحدها، بل أيضا على جيرانها خاصة والعالم العربي عامة. وهذا وضع لا يبشر بخير في أي حال.

   ولم ينشأ هذا الوضع صدفة، إذ أن له مقدماته وكذلك تبعاته. فخلال ما يزيد على أربعة عقود من إمساكهم بزمام الحكم في مصر تمكن السادات وخليفته مبارك من إقامة نظام حكم فاسد في البلد، تقدمت فيه مصالح الأقلية الحاكمة، ومن لف لفها، على مصالح البلد وشعبه. ولذلك لم يكن غريباً أن يسقط نظام مبارك بعد وقت قصير من وصول ثورة الربيع العربي إلى مصر. إلا أن مفجري تلك الثورة، وجلهم من الشباب المتحمس وقليل التجربة السياسية والتنظيمية، لم يكن بإمكانه رصد تحركات الدهاقنة الطامعين في السلطة والساعين للسيطرة على رقاب البلاد والعباد، وحتى إن تم ذلك من خلال الاستمرار في تبني ممارسات النظام السابق، إن دعت الضرورة إلى ذلك، مع إدخال بعض الرتوش التجميلية عليها، والتي لا تمس جوهرها. فبعد مرور وقت قصير على سقوط مبارك، اتضح أن نظام الحكم في البلد لا بد وان يغّير شكله ومسيرته، بحيث راحت القوى الفاعلة فيه تعمل جاهدة لضمان مصالحها، كلٌ حسب مفاهيمه. وكان أول من بادر إلى ذلك مجلس مبارك العسكري، ونقصد بالطبع ما يعرف باسم المجلس العسكري الأعلى برئاسة المشير طنطاوي. وقد لعب هذا المجلس دوراً أساسيا في إزاحة مبارك عن الحكم، ليتضح سريعاً انه قام بذلك لكي يحل مكان الرئيس المخلوع أو، على الأقل، لإرساء قواعد نظام حكم جديد، لا يهدف أساسا إلى النهوض بمصر، بل يسعى أولا إلى ضمان استمرار الامتيازات الاستثنائية التي استحوذ عليها الجيش، وبصورة أكثر دقة كبار قادته وضباطه، التي تجعل منهم طرفاً غير خاضع للرقابة أو المسائلة، وتضعه فوق البلد والشعب بأسرهما. ويتم ذلك بواسطة وضع دستور جديد للبلد تكون بموجبه ميزانية الجيش غير خاضعة للرقابة من قبل أية هيئة في الدولة، بل أن الجيش نفسه هو الذي يتولى تصنيفها وتحديد بنودها و”مراقبتها”. وغني عن القول أن منح صلاحيات الرقابة على جهازٍ ما، أي جهاز، للجهاز نفسه ليس إلا وصفة لإنشاء فساد مؤسساتي. والجيش، أو على الأقل قادته، يريد تلك لكي يستطيع القيام بـ”مهمته” في الدفاع عن البلد، مع العلم انه، منذ أيام السادات، وبالذات بعد توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل، برعاية وتدخل أميركي واسعين، لا يعمل المجلس العسكري في مصر إلا على تنفيذ سياسات البنتاغون، الذي يرتبط حبل صرته به.

مؤامرة العسكر والاخوان

   إن مسألة استثناء ميزانية الجيش من الرقابة العامة ليست قضية هامشية أبدا، بل أنها عملياً محاولة للتغطية على اكبر عمليات نهب للمال العام، ليس من قبل الجيش وحده فقط، بل أيضا من قبل معظم أجهزة الدولة المصرية ومرافقها العامة، إن لم يكن كلها. وهذه الممارسات تستشري في مصر منذ فترةَ غير قصيرة. فقد اصدر مبارك، أيام حكمه، بالتعاون مع زلمه وأتباعه، “قوانين” أو قرارات تسمح بإنشاء ما يسمى “صناديق خاصة”، معفاة من إجراءات الرقابة المالية العلنية المعتمدة. ووفقاً لهذه الإجراءات يسمح لأجهزة الدولة ومرافقها الحيوية بإنشاء صناديق خاصة بها، يخصص ريعها “لتطوير” عملها، بحيث يجوز، مثلاً، للوزارات أو المرافق العامة، مثل سكك الحديد والحدائق العامة والمنتزهات وغيرها، الاحتفاظ بالرسوم التي تجبيها لقاء الخدمات التي تقدمها للجمهور في صناديق خاصة بها، بدلاً من توريدها إلى ميزانية الدولة العامة. وسرعان ما اتضح أن اموال تلك الصناديق، التي حرمت ميزانية الدولة العامة منها، راحت تذهب عملياً إلى جيوب المسؤولين عن تلك الأجهزة والمحسوبين عليهم، بدلاً من صرفها للشأن العام. وبذلك خلقت عملياً طبقات جديدة من الإقطاع الاجتماعي، يولغ أصحابها في المال العام، على حساب عامة الشعب من جهة، بينما تقل واردات الدولة، وتتقلص بالتالي قدرتها على تقديم الخدمات الضرورية للجمهور من جهة أخرى. ويشك فيما إذا كان هناك مثيل لمثل هذا النظام العام الفاسد في أي بلد آخر في العالم.

   وللجيش المصري، وعلى وجه التحديد المجلس العسكري الأعلى، حصة الأسد في هذا الفساد. فالجيش مكلف بحفظ “الأمن” والنظام و”الدفاع” عن البلد. ولذلك فإنه “يحتاج”، احيانا، إلى مصادرة العقارات والمنشاَت وغيرها لأغراض “الأمن”، بينما يقوم عملياً بإقامة المشاريع الاقتصادية عليها، كالفنادق، والمنتزهات وحتى المتاجر، وذلك من استغلال قوة عمل مجنديه، الذين يعملون دون اجر، بما يذكرك بتجنيد “السخره” في أواخر العهد العثماني. كما وسع الجيش نشاطه ليعمل حتى في مجال المقاولات، التي يستطيع تنفيذها بأقل من التكلفة التي قد يطلبها أي مقاول اخر. وبذلك تضمن القيادات العسكرية العليا ضخ مبالغ ضخمة إلى صناديقها الخاصة، والتي يوزع ريعها على كبار ضباطها ومعاونيهم ومن لف لفهم، على حساب المجندين الغلابى خاصةً والشعب عامةً.  ويقال إن هذه الصناديق، على اختلاف أنواعها، العسكرية منها والمدنية، تتحكم في عشرات المليارات من الدولارات؛ ولو نقلت الأموال المودعة فيها إلى الخزينة العامة لكان باستطاعة مصر تسديد كافة ديونها وكذلك الاستغناء عن طلب قروض خارجية.

   ولضمان استمرار مثل هذا الوضع، والتمتع بتلك الامتيازات، قام العسكر بعقد حلف مع الإسلامويين، من إخوان وسلفيين، من خلال فرضية “عسكرية”، بدت صحيحة، أُساسها ان الإسلامويين سيكونون على استعداد لتقديم تنازلات لأي كان للحصول على الشرعية والخروج إلى النشاط العلني. وبموجب ذلك “الاتفاق” تم التفاهم على وضع دستور يضمن للجيش “استقلالية” ميزانيته والاعتراف بـ”مشروعه الاقتصادي” وعدم مراقبتهما، أي، باختصار، السماح للعسكر بالاستمرار في نهب المال العام، مقابل السماح للاسلامويين بممارسة النشاط السياسي، بعد أن كان ذلك محظوراً عليهم منذ أيام عبد الناصر. كما سمح لهم بإعادة تشكيل حزبهم على أسس دينية، خلافاً لأحكام الدستور المصري، فأوغلوا في الدعاية الانتخابية وهم يُسوقون أنفسهم على أنهم “بتاع الله” . ولقي هذا الاتجاه قبولاً لا بأس به بين عامة الشعب المصري، وثلثهم من الأميين الذين لا يعرف احدهم كتابة اسمه، خصوصاً عندما أرفق ذلك بالرشاوى لشراء الأصوات. ولذلك لم يكن غريباً، مثلاً، أن ترى الحاجّات الطاعنات في السن وهن تقفن في طوابير المواطنين أمام صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهن، فهن يصوتن لـ”بتاع الله” أولا، ثم أنهن يقبضن ثمن تلك الأصوات مسبقاً. ولذلك لم يكن غريباً أن يحصل الإسلامويون، وهم اللذين تمرسوا في العمل التنظيمي السري أساساً خلال عقود، على أكثرية المقاعد في مجلس الشعب، ثم في مجلس الشورى.

   وكانت القوى الشعبية قد تنبهت فعلاً، وفي وقت مبكر، لوقوع هذا الحلف غير المقدس بين العسكر والاسلامويين، أو على الأقل قبل أن يفوت الأوان، فحشدت قواها وقامت بالمظاهرات الاحتجاجية على ذلك قبيل عقد الانتخابات. إلا أن المتظاهرين جوبهوا، هذه المرة، برصاص الجيش دون غيره، لا برصاص الأمن المركزي أو قوات الداخلية، كما كان عليه الوضع سابقاً، والذي قتل العشرات منهم. واثر الفراغ من هذه المهمة و”ضبط” الأوضاع وتمهيد الطريق أمام “الانتخابات” الاسلاموية، سارع قادة أولئك العسكر، بواسطة مجلسهم، وبرياء مفضوح، إلى اعتبار من قتلوهم من المواطنين “شهداء” للثورة، على طريقة “يقتلون القتيل ويمشون في جنازته”.

   إلا أن مؤامرة العسكر والاسلامويين على الشعب وشبابه وقواه الوطنية لم تقطع شوطاً طويلاً، بل انها تصدعت بعد وقت قصير من حبكها وعند اول منعطف وصلت إليه. فالاسلامويون، من اخوان وسلفيين، لم يصدقوا، كما يبدو، انهم سيطروا على السلطة التشريعية في مصر، بعد ان حظوا بأكثرية المقاعد في مجلسي الشعب والشورى، بل راحوا يسعون ايضاً، خلافاً “لتفاهماتهم” مع العسكر، الى السيطرة على مراكز القوى الاخرى في البلد. ولذلك ما ان حان، مثلاً، وقت تشكيل لجنة لوضع دستور جديد للبلاد حتى قام اولئك بتشكيلها على صورة تضمن لهم اكثرية أعضائها، مما قد يؤهلهم بالتالي لوضع دستور على هواهم، يكون حسب تصريحاتهم اسلاموي النكهة. ولم تنجح الجهود المختلفة لثنيهم عن عزمهم هذا وإقناعهم بضرورة التوافق بين كافة مكونات الشعب المصري لضمان وضع دستور يراعي مصالح كافة فئاته وأطيافه. وكانت النتيجة ان انسحب، في نهاية الامر، الازهر والكنيسة وممثلي الأحزاب العلمانية الليبرالية من لجنة صياغة الدستور، تاركين الاسلامويين وحدهم، بل ان بعض الأحزاب العلمانية أعلنت انها ستضع مسودة دستور خاص بها. وفي نهاية الامر قضت المحكمة الدستورية ببطلان تشكيل تلك اللجنة. وفي ضوء معارضة نوعية كهذه يشك في إمكانية نجاح الاسلامويين في وضع أي دستور على هواهم، تحت أي ظرف.

الإخوان يلعبون وحدهم …

   غير انه من الواضح ان أولئك لم يتعلموا شيئا ً من هذا الدرس، إذ ما ان لاحت بوادر المعركة الانتخابية لاختيار رئيس لمصر، حتى دفعت التيارات الاسلاموية بأكثر من مرشح للرئاسة؛ وان كان سوء الطالع من نصيب أبرزهم. فقد اتضح، مثلاً، ان والدة المرشح السلفي تحمل الجنسية الأميركية، وهو ما يمنع ذلك الشخص من ترشيح نفسه للرئاسة، وفقاً للقوانين والإجراءات المصرية المرعية. اما المرشح الاخواني للرئاسة خيرت الشاطر نائب المرشد العام للاخوان، الذي استقال من منصبه لكي يستطيع ترشيح نفسه، فأنه لم يكن أحسن حظاً. فقد اتضح ان الشاطر ليس “شاطراً” فعلاً، إذ بان انه صاحب أسبقيات جنائية، كان قد قضى بسببها سنيناً طويلة في السجن، في أعقاب أحكام جنائية صدرت ضده، احدها بتهمة تهريب الأموال وتبييضها، وهي من الجرائم المشينة، التي لا تمنع صاحبها من الترشح للانتخابات الرئاسية فقط، بل تحظر تعيينه في أية وظيفة عامة. ويمكن ان نتصور ما قد تؤول إليه حالة مصر فيما لو انتخب مبيض أموال رئيساً لها، حيث سيكون أيضاً المرشد العام للإخوان رئيساً له. وتجدر الإشارة الى ان الاخوان ثابروا، بإصرار وعناد واضحين، على إعلان موقف مفاده انهم لن يتقدموا بمرشح من قبلهم للرئاسة، وذلك منذ نشبت الثورة في مصر. ولكن عندما اَن الأوان لذلك تراجعوا عن كل وعودهم والتزاماتهم السابقة وقرروا ترشيح شخص عنهم. وكان ان أغضب عملهم هذا العسكر فدفعوا بمرشح مقرب منهم في المقابل، واحتدمت المعركة بين الجانبين.

   واذا تخطينا مرحلة الإجراءات الانتخابية وانتقلنا إلى مضمون الانتخابات وفحواها نرى ان وضع المرشحين الاسلامويين يزداد سوءاً وبؤساً، بصورة تبعث الشفقة من ناحية وتثير الخوف من ناحية أخرى، لضيق أفق اولئك المرشحين وتعاسة “فكرهم” وقلة حيلتهم. فالمرء لا يكاد يسمع شيئاً عن الرؤية والبرامج السياسية لأي منهم (ولا لأي من المرشحين الاخرين حقيقة ً، اذ ان التفاهة هي سيدة الموقف). فليس هناك، مثلاً، أية إشارة الى المشاكل الكبرى التي تجابهها مصر، اقتصادية كانت أم تنموية او اجتماعية او غيرها، وذلك دون الحديث عن تلك السياسية منها، وبالتالي لا تقدم أية اقتراحات او برامج في كيفية التعاطي مع أوضاع البلد او محاولات ايجاد الحلول للمشاكل التي تجابهه. ولا غرابة في ذلك، على أية حال. فالأديان، كل الأديان، قدرية بطبيعتها، ومثلها المتدينون، كل المتدينين، قدريون ايضا ً . ولذلك فإن ما يصيب الإنسان على الأرض، وفق مفاهيمهم، هو قدره، المقرر سلفاً بفضل قدرة إلهية مطلقة القوة لا يمكن، كما لا يجوز طبعاً، التدخل فيها. ومن ضمن ذلك ظهور الحاكم الظالم، الذي هو قدر أيضا. وجرياً على هذه القاعدة فإن الفقير ليس مظلوماً بقدر ما هو عاجز عن تحقيق أسباب معيشته، وهو المسؤول عن عجزه. ولذلك لا مكان، بل لا ضرورة اصلاً، لأن تقوم الدولة، حتى وان كانت خاضعة لحكم اسلاموي، بإنصافه او العمل على تحسين أوضاعه، التي نشأت أساسا ً بـ”مشيئة” الله.

   وللهروب من هذا الواقع، او تجنب التعاطي مع مشاكله، يلجأ المتدينون، كل المتدينين، الى التلطي وراء “الدين”. فلكل منهم الله ـ هم الخاص بهم، وكذلك “شريعتهم” الخاصة بهم، التي يؤولونها وفق ما يحلو لهم، او ما علق بكياناتهم من امراض نفسية. والمتدينون الاسلامويين منهم، على وجه التحديد، لا هم لهم إلا التشدق، صباح مساء، بسعيهم الحثيث الى “تطبيق الشريعة”. وفي العالم العربي بالذات يعتبر مثل هذا الشعار، على أي حال، نوعاً من النفاق والمزاودة الفارغة لأن الشريعة، والحمد لله، مطبقة تطبيقاً وتتحكم في كافة احوال المسلمين الشخصية في الدول العربية بأسرها. ونتيجة لذلك “تتمتع”، مثلا، المرأة المسلمة، سواء كانت إلام او الاخت او الزوجة او الابنة، بالاضطهاد من لحظة ولادتها حتى وفاتها، باعتبارها مساوية لنصف الرجل بل أنها “ناقصة عقل ودين”، الى باقي الافات الناجمة عن العقد النفسية الذكورية، الكامنة منذ عصور وأد البنات (أي دفنهن احياء) في الجاهلية، والمفاهيم المشوهة لتكوين البشر وادائهم. ومن المفيد الإشارة، في هذا الصدد، انه لا “فضل” كبير للإسلام في تثبيت أسس الانتقاص من كيان المرأة وحقوقها، اذ انه عملياً أُخذ هذا الدور عن اليهودية، التي تُميز بصورة فاضحة ضد المرأة والاغيار ممن ليسوا يهوداٌ، وهو ما أخذته بدورها عن “التقاليد” الوثنية التي كانت سائدة قبلها. ولكن الاسلامويين الأصوليين لا يكتفون بذلك بل يسعون الى تطبيق شريعتهم على كافة نواحي الحياة، بما في ذلك، مثلا، موجات الهاتف النقال والذبذبات الكهربائية. بل ان بعضهم يذهب حتى الى ابعد من ذلك موحيا انه ينبغي ايضاً تطبيق الشريعة الغراء على غير المسلمين، وهو يقصد المسيحيين خصوصاً. وسبب ذلك هو ان المسيحية دين روحاني، والإنجيل لا ينص على أية شريعة دنيوية، ولا يتطرق بالذات الى ما ينبغي على المرء، مثلا، ان يأكل او يشرب او يلبس (وحسناً انه كذلك). ولهذا من المستحسن تعميم “نعم” الشريعة لتشمل المسيحيين ايضاً، بحيث “تستفيد” المرأة المسيحية خصوصاً من نواقص تعدد الزوجات والطلاق التعسفي والحصول على ما يساوي نصف حصة الرجل، وما الى ذلك من الموبقات. وكان اخر من تقدم بذلك مرشح للرئاسة في مصر يدعى الدكتور سليم العوا، متناسياً انه يسئ بذلك الى الشريعة الإسلامية ذاتها، بل انه يخالفها جهاراً من حيث أنها تعترف بـ”أهل الكتاب” وتقر لهم شرائعهم الخاصة بهم. وكان العوا هذا قد اعلن مؤخراً ان لدية “مشروعاً حضارياً اسلامياً وطنياً” يهدف الى المحافظة على “الهوية العربية الاسلامية” لمصر، وهوما يعني بالضرورة صداماً مع الأقباط المسيحيين، الذين كانوا متواجدين في مصر قبل وصول الإسلام اليها، وغيرهم من التيارات العلمانية والليبرالية. أما اخر التقليعات في هذا المجال فقد جاء من تونس، حيث طالب شخص يدعى البحري الجلاصي (ترى هل يعرف احدهم سر قيام التوانسة بإضافة أل التعريف الى أسمائهم؟)، وهو رئيس ما يسمى حزب الانفتاح والوفاء، بتعديل الدستور التونسي بحيث “ينص على حق كل تونسي في اتخاذ جارية عدا زوجته، والتمتع بما ملكت يمينه”.

   وحتى لا يمعن الاسلامويون في غيهم من جهة، وفي محاولة لأعادتهم الى ارض الواقع، وتوضيح مدى سخفهم من جهة اخرى، تجدر الاشارة الى ان المسيحيين بأسرهم ليسوا بحاجة الى تلك “النعم”، وهم لا يقبلون بها ولا يستسيغونها، بل يعتبرونها نوعا ًمن الافك والشعوذة، خصوصاً في ضوء تجاربهم التاريخية الخاصة بهم. فقد مرت المسيحية في مثل هذه الاوضاع من التحجر الديني والتخلف الفكري قبل زمن بعيد، بل بعيد جدا. فالكنيسة الكاثوليكية في أوروبا، مثلاً، عرفت ما يشبه “دولة الفقيه” او “دولة المرشد” قبل ظهور الاسلام بحقبة طويلة، عندما كان الامبراطور ـ الحاكم في الامبراطورية الرومانية المقدسة لا يستطيع ان يزاول سلطاته ومهامه الا بعد تتويجه من قبل البابا، باعتباره ممثل الله على الأرض. وكانت هذه الممارسات، في نهاية الأمر، سبباً في انقسام الامبراطورية الرومانية على نفسها الى شرقية وغربية، وبالتالي بروز التيار المسيحي الأرثوذكسي الذي أدار للكاثوليكية ظهر المجن. كذلك عرفت الكنيسة ما يشبه بعض ما يتعاطاه بعض الاسلامويين اليوم من توزيع مفاتيح الجنة عندما كانت تقوم، في العصور الوسطى، بتوزيع صكوك الغفران على المؤمنين. ونتيجةً لذلك نشبت يومها ثورة في الكنيسة أدت في نهاية المطاف، الى انشقاق حاد اخر داخلها، نشأ عنه التيار البروتستانتي (المحتجون)، الذي شق عصا الطاعة على مؤسسة رجال الدين وراح يقيم كيانه الديني الخاص به، ليصل تعداده تدريجياً الى الملايين الذين أداروا ظهورهم لتلك العقائد والممارسات البالية. وبين هذا وذاك نشبت اكثر من حرب دينية بين المسيحيين انفسهم في أكثر من زمان ومكان. وفقط بعد ذلك كله انتبهت الكاثوليكية الى اوضاعها وراحت تحاول إصلاحها. كما ان التطور البشري لم يمهلها طويلا ً، اذ سرعان ما نشبت، بعد ذلك، الثورة الصناعية، لتليها الثورة العلمانية، بحيث لم تجد الكنيسة، في نهاية المطاف، الا القبول بفصل الدين عن الدولة، والاتجاه الى الاهتمام بشؤونها الروحانية البحتة، تاركةً الأمور الدنيوية لأصحابها.

   ولذلك فأن حديث الاسلامويين عن “الشريعة” يعيد للمسيحيين، بل عمليا لكل مستنير، ذكريات تلك الحقبة السوداء في تاريخ الكنيسة، ولا يفهم الا انه دعوة للرجوع قروناً من الحضارة والتقدم الى الوراء، وليس في ذلك ما يغري احداً. فلم يثر المسيحيون على “شريعة” الكنيسة قبل قرون لكي يقوموا، في نهاية المطاف، باستبدالها بـ”شريعة” اخرى اسلاموية، تفوقها تخلفاً. بل، والأكثر من ذلك، يبدو أنه ما لم تحدث في الاسلام، ديناً وعقيدةً وشريعةً، ثورات مماثلة لتلك التي عرفتها المسيحية، ومن ثم فصل الدين عن الدولة، فلن يصلح الله أحوال المسلمين.

   وفي سعيهم الحثيث لتنفيذ ماٌربهم،على أرضية التشوهات الفكرية المسيطرة عليهم، لا يتعظ الاسلامويون، او بعض تياراتهم على الاقل، بأي رأي لا يستسيغونه حتى وان صدر عن اكبر المراجع الدينية وأعرقها. فمعروف، بالطبع، ما للازهر من مكانة، دينية وشرعية وأخلاقية، في العالم الاسلامي كافةً، على مر العصور. وعن الازهر صدرت اكثر من فتوى او رأي او بلاغ او اعلان مفادهم ان ارتداء الحجاب وإطالة اللحية يعتبران “عادة وليس عبادة”، وبالتالي ليس في ذلك شيء من اصول الدين او الشريعة. الا انه، على الرغم من ذلك، تجد ان بعض الاسلامويين، وخصوصاً السلفيون منهم، يكادون يعتبرون اللحية جزءاً من دينهم وكيانهم. وكأن احدهم قد “أفتى” مؤخراً بأن حلق اللحية شر مستطير، بل انه حتى كفراً لكونه تدخلاً في مشيئة الله الذي خلق الرجل على هذا المنوال. وجرياً على هذه القاعدة يمكن القول ان تقليم أظافر اليد او الرجل هو ايضاً تدخل في مشيئة الله، اذ يفترض ان يترك الانسان أظافره، كما لحيته، تنمو دون ازعاج، حتى وان تحولت، في نهاية الامر، الى ما يشبه مخالب الحيوانات المفترسة. ويبدو ان التمسك باطلاق اللحية بالنسبة لهؤلاء هو ركن من اركان الدين، بل انه حتى وصية ربانية، فيما اللحية مدعاةٌ للفخر ايضاً. ففي صورة تذكارية لأعضاء مجلس الشورى المصري، ذا الأكثرية الاسلاموية، لوحظ، مثلاً، ان كل أعضاءه استعدوا لالتقاط الصورة بإرجاع أعلى رؤوسهم الى الوراء قليلاً حتى تبدو لحاهم المنمقة بكامل “أبهتها”. واذا تمعنت قليلاً في مغزى تلك الصورة تستطيع ان تستنتج بوضوح ان عقول القوم ومفاهيمهم لا تتعدى أطراف لحاهم.

معارك مصيرية

   وان كان يبدو ان في ما تقدم نوعاً من الهجاء او المزاح، لا بد من التوضيح ان الامر ليس كذلك أبداً، اذ انه على العكس من ذلك جدي للغاية، بل انه مصيري. ففي مصر تدور الآن، من خلال محاولات لوضع دستور جديد للبلد أو انتخاب رئيس جديد له، معركة جدية وحقيقية بين العسكر والرجعية الدينية، وان كان يبدو احياناً وكأنهما يختلفان مع بعضهما البعض، من جهة وقوى التحرر الوطني، بتياراتها العلمانية والليبرالية والديمقراطية من جهة اخرى.ولا شك انه سيكون لهذه المعركة تأثيرها الواضح، سلباً او ايجاباً، ليس فقط على طابع النظام في مصر وطريقة حكمها وبالتالي مستقبلها ـ شئنا أم أبينا ـ بل أيضاً على العالم العربي عامةً والشرق الأوسط خاصةً.

   لقد راحت مصر تسير القهقرى وتغرق تدريجياً في الضعف والفساد والانحلال والتخلي عن القيم القومية والوطنية منذ ان استلم حسن الصيت، “الرئيس المؤمن” انور السادات الحكم فيها قبل ما يزيد عن 40 سنة، والذي اختتم مشواره المشؤوم بعقد اتفاقات كامب ديفيد مع إسرائيل، فأتبع مصر بعجلة الامبريالية الأميركية، ووضعها في خدمتها، وبالتالي في خدمة الكيان الصهيوني حكماً. ولشد ما عارض الاخوان المسلمون هذا الاتجاه وتعرضوا للاضطهاد والملاحقة والسجن نتيجة لمعارضتهم تلك. ولكن ما ان لاحت امامهم فرصة الإمساك بالحكم حتى تخلوا، سبحان مغّير الأحوال، عن مواقفهم السابقة وتبعوا اخرى مضادة لها تماماً، علناً وعلى رؤوس الأشهاد، بل راحوا، غير مكتفين بالاتصالات شبه السرية مع الامبرياليين الأميركيين، يرسلون حتى الوفود الرسمية علناً الى واشنطن لطمأنة صناع القرار فيها من أعضاء كونغرس او مسؤولين آخرين وغيرهم، بالتزامهم بالمحافظة على المصالح الامبريالية في المنطقة والسير في ركابها. بل اوضحوا، بصورة خاصة، انهم لن يطرحوا اتفاقات كامب ديفيد للاستفتاء الشعبي، كما تبجحوا بذلك أكثر من مرة. ولا شك ان الاخوان، في سبيل حماية ظهورهم وإمساكهم بالسلطة سيقدمون للامبرياليين الأميركيين اكثر حتى مما قدمه السادات لهم، من خضوع وتبعية. وباختصار، دون لف ودوران، ولنأخذها من اخرها، لن يكون نظام الاخوان، رغم جعجعتهم، فيما اذا قدر له ان يستمر في حكم مصر، الا استمراراً لنظامي السادات ومبارك، على الصعيدين السياسي والاقتصادي، دون ان نتطرق الى التحجر الديني وتبعاته، على ما في ذلك من بؤس وتخلف وضياع.

   الا ان اضرار استمرار الاسلامويين في الحكم، او السماح لهم بالانفراد به، لا تقف عند هذا الحد، بل تتعداه ايضاً لتصل الى النواحي الاجتماعية والثقافية والحضارية. فعلى الرغم مما يقوله بعض أولئك عن التزامهم بالديمقراطية وقواعد تبادل السلطة والاحتكام الى صندوق الانتخابات، من الواضح تماماً أنهم إذا ما تمكنوا من السيطرة على البلد فسيقيمون فيه، انطلاقاً من مفاهيمهم الدينية المتجحرة، دولة المرشد الاوتوقراطية، وسيعيدون مصر قروناً من الحضارة الى الوراء. بل ان البلد قد يصبح سعودية اخرى في شمال افريقيا، تحكمة سلفية مخبولة ووهابية معتوهة. فما يهم أولئك جميعاً هو مصلحة الجماعة اولاً، لا مصلحة البلد والوطن، ولن يأتي خير على أيديهم.

   ومن حسن الحظ إن كافة الدلائل تشير الى ان هذه الردة لن تكون ممكنة، او ان احتمال وقوعها بعيد. فالأكثرية الصامتة في مصر، على ما تضمه من قوى، كماً ونوعاً قد استيقظت اخيراً بعد ان بات السكين يقترب من عنقها. وهي، في نهاية الامر، لا تستطيع الا الانتباه لمصالحها والسعي الى تحقيقها، والا تم القضاء عليها. وما ذاك النشاط المتشعب الذي راحت الأحزاب والتكتلات الوطنية والقومية والليبرالية والعلمانية تبديه في مواجهة التيار الاسلاموي، محاولةً اعادته الى حجمه الحقيقي، الا دليل على ذلك. وقد ادت هذه المعارضة، حتى الان، الى شل لجنة الدستور، ذات الأكثرية الاسلاموية، ومنعت المتعصبين من وضع دستور للبلد على هواهم. وفي الوقت نفسه تشير استطلاعات الرأي العام الى ان اكثرية كبيرة من المصريين تنوي المشاركة في الانتخابات الرئاسية، مما قد يعيد الاسلامويين الى حجمهم الحقيقي ويوقفهم عند حدهم، بل ربما يؤدي الى انتخاب رئيس جديد لمصر، يستحق هذا الاسم.

   ويبدو ان محاولات التصدي للممارسات الاسلاموية المشوهة في استغلال الجهلة والسذّج، ومعظمهم من الأميين، الذين يشكلون نحو ثلث الشعب المصري، راحت تذهب عميقاً في متابعة أساليبهم الملتوية، لمنعهم من استغلال الجهل لخدمة ماَربهم. فقد سمعت في مصر مؤخراً اصوات تدعو الى منع الاميين من التصويت في انتخابات رئاسة الجمهورية، ولاحقاً حتى من التصويت مطلقاً، باعتبار انهم لا يدرون ما يفعلون ومن السهل ان تتحكم الغوغاء فيهم. وان كان يبدو ان في مثل هذا الاقتراح ما يمكن ان يشير الى المس بمبدأ المساواة بين المواطنين فأنه، في الوقت نفسه، لا يخلو من منطق. فبعد الهزيمة الكبرى في حرب 1967، مثلاً، قام الجيش المصري بإعادة فحص اوضاعه وتقييم أداءه ليكتشف ان وجود اعداد كبيرة من الاميين بين مُجنديه، بأدائهم البائس على مختلف الاصعدة، كان واحداً من الاسباب الرئيسية التي ساهمت في هزيمته. وعلى الأثر أجرى الجيش عملية اعادة تشكيل كبرى سرح في اعقابها كل الأميين من بين صفوفه، ثم توقف كلياً عن تجنيدهم، على اعتبار ان الامية عاهة، مثل العاهات البدنية، التي تمنع صاحبها من تأدية دور الانسان العادي. وان كان الأمي غير قادر على تأدية ابسط واجبات المجند الغر فأنه، على المنوال نفسه، غير قادر ايضاً على المساهمة الايجابية في الحياة السياسية، اذ من السهل التغرير به وجذبه الى شلل “بتاع الله” او غيرها من المشعوذين.

   ويمكن ان نضيف من عندنا تذكيراً بممارسات اخرى لا تقل فائدة عن ذلك، وهي إلزام كافة المواطنين الآخرين، وخصوصاً اولئك منهم اللذين يتفذلكون وينتقدون ولا يقومون باي عمل مجدٍ اَخر، بالمشاركة في الانتخابات، تحت طائلة فرض الغرامات المالية عليهم، او حتى الانتقاص من حقوقهم المدنية، ان تقاعسوا عن القيام بذلك، بحيث تكون نتائج الانتخابات مُعبرة، بأوسع ما يمكن، عن الإرادة الشعبية الجماعية. ونوع من هذه الإجراءات الدستورية موجود، على سبيل المثال، في قبرص.

   ان قيام نظام راشد في مصر يتطلب خوض معارك واسعة مع قطاعات مهمة تدعي، مع ما في الغرابة من ذلك، الحرص على الثورة بل حتى تزعم أنها إحدى مكوناتها الرئيسية، مع انها تشكل عمليا عائقا كبيرا امام الثورة. ففي المعركة لتحسين اوضاع مصر الاقتصادية وتحسينها، وهو شرط أساسي للتنمية الاجتماعية، هنالك ضرورة للتصدي للاقتصاد المشوه، ممثلا بالإقطاع الاقتصادي ـ الاجتماعي الجديد، الكامن في وجود القطاعات الاقتصادية الخاصة وصناديقها، وفي مقدمتها “اقتصاد الجيش”، من اجل إعادة السيطرة  على موارد البلاد الى الدولة، من خلال ميزانيتها العامة. وبالتالي لا بد، في هذا المجال، من إيقاف العسكر عند حدهم، ومن ثم التعامل مع باقي مرافق الدولة بالطريقة ذاتها. اما في معركة الديمقراطية والحريات الشخصية فلا بد من التصدي للاخوان ومحاولاتهم الهيمنة على مقدرات البلد، لمنعهم من العودة به الى ظلاميات العصور الوسطى. واما على صعيد السياسة الخارجية، وبالتالي تعزيز مكانة مصر دوليا وإقليميا وإعادتها الى نفسها، فلا بد من التصدي لكل من العسكر والاخوان سوية؛ فكلا الطرفين مرتبط بصورة وثيقة بالامبريالية الأميركية وسياساتها ويعمل للإبقاء على مصر دائرة في فلكها، خدمة لمصالحه. وبدون تحرير مصر من فكي هذه الكماشة لن تقوم لها قائمة. وهذه كلها ليست معارك سهلة، في أي حال.

   ان مصر بحاجة الى فرعون مُستنير، يمسك بقوة وحكمة بالبلد ويعيدها الى الطريق المستقيم نحو حل مشاكلها المتفاقمة خدمة لجميع أبنائها، وفيما بعد لمحيطها العربي، وربما الأفريقي. الا انه ليس فيما يجري حالياً، من دعوات لوضع دستور، او استعدادات لأجراء انتخابات رئاسية، ما يوحي بإمكانية تحقيق ذلك. فالانقسام داخل المجتمع المصري والتضارب العميق بين المواقف المتناحرة، وكثرة “الرؤوس”، وان كانت معظمها، ان لم يكن كلها، صغيرة، من مرشحين وزعماء و”مرشدين” وغيرهم لا تشير بالضرورة الى امكانية قيام نظام راشد وراسخ يمكن ان يتولى إدارة البلد وشؤونه بصورة مقبولة.

   ولهذا لن يكون غريباً ان نرى في المستقبل فصولاً أخرى من “الثورات” والانتفاضات، على أكثر من صعيد.

   وحتى يتم ذلك ونرى تغييراً ثورياً حقيقياً وتتحسن الأوضاع في مصر وتستقر، سيمر وقت غير قصير.

الأرشيف