انتخابات الكنيست التاسع عشر (2013) والدوران في الحلقة المفرغة
انتخابات الكنيست التاسع عشر (2013)
والدوران في الدائرة المغلقة
صبري جريس
جرت في إسرائيل في 22/1/2013 الانتخابات للكنيست (البرلمان) التاسع عشر؛ وهي، كما يدل اسمها، الانتخابات العامة التاسعة عشرة التي تقوم بها إسرائيل منذ إقامتها. وشاركت في هذه الانتخابات 34 قائمة انتخابية، فازت12منها بمقاعد في الكنسيت الجديد، أما القوائم الباقية فلم تحصل على ما يكفي من الأصوات لتجاوز نسبة الحسم (وهي – منذ 2004 – 2% من مجموع الأصوات الصالحةً).
وليس في ارتفاع عدد القوائم التي شاركت في الانتخابات ما يدعو إلى الغرابة، في أي حال، إذ تميزت الانتخابات العامة في إسرائيل، دائماً وأبداً، بارتفاع نسبي في عدد القوائم التي تخوضها، والتي يفشل في الانتخابات، عادةً، أكثر من نصفها.
ولعل السبب الرئيسي لهذا التضخم في عدد القوائم الانتخابية هو انعدام التجانس بين مكونّات سكان إسرائيل اليهود، الذين يمكن النظر إليهم كنوع من “القبائل” اليهودية، التي تختلف كل منها عن الأخرى من حيث الأسس الإثنية أو العرقية أو التيارات والتنظيمات الدينية المختلفة أو المهاجرين القادمين من البلدان ذات الحضارات المختلفة. ولذلك تحاول كل مجموعة إقامة تنظيم سياسي تسعى من خلاله لتحقيق أهدافها والحفاظ على بقائها. وليس في واقع كهذا، في أي حال، إلاّ برهاناً آخر ساطعاً على زيف الإدعاءات الصهيونية بشأن “صهر” المهاجرين اليهود إلى فلسطين في شعب واحد، إسرائيلي يهودي “جديد”، إذ أن الواقع هو عكس ذلك. فليس هناك “شعب” إسرائيلي واحد ومتماسك، بل مجموعات مختلفة من اليهود، لكل منها صفاتها الخاصة بها، التي لا تتطابق أو تتجانس بالضرورة مع طابع المجموعات الأخرى. وكانت زعامة حزب شاس، مثلا، وهو بأكثريته من اليهود الشرقيين، قد هاجمت بشدة، وبلهجة لا تخلو من عنصرية واضحة، أحزاب “الروس والبيض”، إشارة إلى اليهود الغربيين، بعد أن تسربت أنباء تفيد أن وزارة الإسكان، وهي البقرة الحلوب التي يسعى شاس إلى الاحتفاظ بها لنفسه، قد تسلم لممثلي “البيض”.
أما السبب الآخر لذلك فيعود إلى قوانين الانتخابات العامة في إسرائيل وأنظمتها وإجراءاتها، التي تُعتبر بموجبها إسرائيل بأكملها منطقة انتخابية واحدة، بينما لا يتم التصويت على أساس شخصي بل لقوائم انتخابية تضم أسماء المرشحين. وبعد انتهاء الانتخابات تجمع كافة الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة في أي مكان في إسرائيل وتسجل لصالحها؛ ومن يتجاوز نسبة الحسم يشارك في توزيع المقاعد في الكنسيت حسب ما حصل عليه من أصوات. وهذا وضع يغري العديدين، حتى وإن كانوا من القاطنين في أماكن بعيدة عن بعضها البعض، بتجميع قواهم وخوض الانتخابات في قوائم خاصة بهم، علَّ الحظ يبتسم لهم ويحصلوا على تمثيل ما في الكنسيت.
بين اليمين المتطرف وقوى الوسط
لم تسفر الانتخابات الأخيرة للكنيست عن نتائج تختلف كثيراً، بصورة عامة، عن تلك التي أسفرت عنها نتائج الانتخابات السابقة سنة 2009، من حيث أنه، في كلتا الحالتين، كان، ولا يزال، اليمين الصهيوني بشطريه، المتطرف والوسطي، هو الذي حظي بأكثرية الأصوات، ومن ثم المقاعد، في الكنسيت الجديد، أسوةً بسابقه. إلا أن توزيع المقاعد الجديد، الذي أسفر عن تعادل بين قوى اليمين المتطرف والتكتلات السياسية الأخرى، بعد أن خسر الليكود بيتنا 11 مقعدا، بحيث حصل اليمين على ما مجموعه 61 مقعدا، بينما فازت الكيل الاخرى بـ 59 مقعدا، خلق وضعا سياسيا جديدا باتت معه الأحزاب التي شكلت حكومة اسرائيل السابقة، اليمينية المتطرفة، غير قادرة على الاستمرار في تشكيل حكومة جديدة مماثلة. وبذلك لن يستطيع نتنياهو، نظريا على الأقل، تشكيل حكومة تكون متطرفة كتلك التي عهدناها خلال السنوات الأربع السابقة، إذ لا بد له من التحالف مع حزب اخر، على الأقل، من أحزاب الوسط، وتقديم التنازلات السياسية المترتبة على ذلك.
وتعتبر نتائج الانتخابات، عموما، نوعا من نزع الثقة بنتنياهو واليمين الإسرائيلي المتطرف وسياساته. فقد تخلت نسبة ملحوظة من الناخبين عن الأحزاب اليمينية واتجهت نحو الوسط. كما أن اليسار الإسرائيلي، ممثلا في حزب ميرتس، قد ضاعف قوته؛ في حين بقيت الأحزاب العربية على حالها، عدة وعددا.
نتائج الانتخابات للكنيست، 2009 – 2013
الحزب/القائمة |
عدد المقاعد |
|
الكنيست الثامن عشر |
الكنيست التاسع عشر |
|
(2009) |
(2013) |
|
الليكود بيتنا (1) |
(42) |
31 |
يوجد مستقبل |
– |
19 |
حزب العمل |
13 |
15 |
البيت اليهودي |
3 |
12 |
شاس (2) |
11 |
11 |
ميرتس |
3 |
6 |
الحركة |
– |
6 |
يهود التوراة (3) |
5 |
7 |
الاتحاد القومي |
4 |
– |
القائمة العربية الموحدة (4) |
4 |
4 |
الجبهة الديمقراطية (4) |
4 |
4 |
التجمع الوطني الديمقراطي(4) |
3 |
3 |
كديماه |
28 |
2 |
المجموع |
120 |
120 |
(1) قائمة موحدة لحزبي الليكود وإسرائيل بيتنا، شكلت قبيل انتخابات 2013؛ وكان الليكود قد حصل على 27 مقعدا وإسرائيل بيتنا على 15 مقعدا في انتخابات 2009. |
||
(2) يهود متدينون شرقيون. |
||
(3) يهود متدينون غربيون. |
||
(4) قوائم عربية. وقد شاركت في هذه الانتخابات أيضا قائمتان عربيتان جديدتان، إلا أن أي منهما لم تتجاوز نسبة الحسم. |