قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة، مرة أخرى
صبري جريس
تعمل جامعة الدول العربية حالياً، بالتنسيق مع الفلسطينيين، على وضع خطة لتنفيذ قرار لجنة المتابعة العربية، في اجتماعها الأخير في الدوحة، بشأن الحصول على الاعتراف بفلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة، خلال الدورة القادمة للجمعية العمومية للمنظمة الدولية في الخريف المقبل.
وعلى سبيل التذكير، كنت قد نشرت في جريدة “الايام” (رام الله)، (www.al-ayyam.com) ، خلال السنة الماضية، مقالين حول هذا الموضوع (الأول بعنوان “المسار الدولي هو الأمثل” في 9/4/2011 والثاني بعنوان “من مجلس الأمن إلى الجمعية العمومية” في 26/10/2011؛ وكلاهما أعيد نشره في زاوية أخرى على هذا الموقع) دعوت فيهما بوضوح إلى إتباع مثل هذا المسار. والحيثيات والدوافع والأسباب التي كانت قائمة يومها كمبرر للدعوة إلى انتهاج المسار الدولي في التعامل مع القضية الفلسطينية لا تزال هي نفسها قائمة اليوم، بل أنها ازدادت عمقاً ووضوحاً، وكلها لا تترك إلا المجال الدولي كمنفذ، ربما يكون وحيداً، للتعامل مع القضية الفلسطينية في الأوضاع الراهنة.
من الواضح لكل من يعني بالقضية الفلسطينية أن مسار “المفاوضات” الثنائية الفلسطينية-الإسرائيلية، ضمن أطر أوسلو، لإيجاد حل ما للصراع، أو النزاع (كما يحلو للبعض تسميته) الفلسطيني-الإسرائيلي، قد وصل إلى نهايته، عملياً، سنة 2000، بعد فشل مفاوضات الحل النهائي في كامب ديفيد وغيره. ومن الواضح أيضاً أن الحملة العسكرية الوحشية، التي شنت على السلطة ومن ثم الضفة الغربية بأسرها بعيد نشوب الانتفاضة الثانية، ومن ثم محاصرة المقاطعة وسجن عرفات فيها وبالتالي اغتياله بمواد ذرية مشعة، كـ”مكافأة” له على اعترافه، باسم الفلسطينيين، بإسرائيل، كانت المسامير الأخيرة التي دقت في نعش أي حل توافقي بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ومنذ ذلك الوقت راح الاحتلال، عملياً، يسعى فقط إلى تشديد قبضته على المناطق الفلسطينية في كافة أنحاء الضفة، أياً كانت صفتها. ولم تكن الدعوات الإسرائيلية إلى استئناف “المفاوضات” إلاّ، حقيقة، استدعاءات مبطنة لقبول الإملاءات الإسرائيلية الساعية إلى إقامة مستعمرة للفلسطينيين في الضفة من جهة، وتصفية القضية الفلسطينية من جهة أخرى.
ومن الواضح أيضاً أن الآلية الدولية، القائمة منذ ذلك الوقت، للتعامل مع القضية الفلسطينية، ونقصد الرباعية الدولية، باتت، في نهاية الأمر، هيئة عاجزة عن تقديم أي نتاج إيجابي يمكن أن يساهم في تحريك الأوضاع ولو خطوة واحدة إلى الأمام. فقد سيطرت الولايات المتحدة الأميركية، بمواقفها المتذبذبة والمتواطئة مع الاحتلال الصهيوني على أعمال هذه الهيئة وقراراتها ومنعتها، عملياً، من إحراز أي تقدم يذكر. بل أن هذا الواقع ازداد حدة وتأزماً، مع مرور الوقت، بعد أن راح الصهيونيون ومناصروهم يسيطرون تدريجياً على النظام السياسي في أميركا، سواءً كان جمهورياً أو ديمقراطياً، واضعين الإمبريالية العالمية في خدمة مصالحهم. وليس في المواقف المتلونة، بل عملياً المعادية لكل تحرك فلسطيني، التي اتخذتها أميركا، بما في ذلك الانحناءات التي نفذها أوباما لينتقل من موقف إلى نقيضه تماماً، خلال السنوات الأخيرة إلاّ دليلاً واضحاً لا لبس فيه على ذلك.
وباختصار، يبدو واضحاً من مجمل المواقف والسياسات الإسرائيلية والأميركية، مجتمعة، أنه لا طائل من أية “مفاوضات” مباشرة مع إسرائيل من جهة، ولا التشبث بأحبال الرباعية الدولية، التابعة في مواقفها عملياً للإمبرياليين الأميركيين، من جهة أخرى. ومن هنا تبدو الحاجة ملحة للغاية لإيجاد آليات وأساليب جديدة لمتابعة القضية الفلسطينية بتشعباتها المختلفة.
وليست تجارب الماضي بحد ذاتها، بفشلها وإحباطاتها المتكررة، المرة بعد الأخرى، هي التي تدعو إلى ذلك فقط، بل أن في التطورات المستقبلية المتوقعة، أن على صعيد داخلي إسرائيلي من جهة أو على صعيد الشرق الأوسط، وربما العالم العربي بأسره، من جهة أخرى، ما لا يوحي إلاّ بذلك، بل ويدفع بقوة نحو اتجاه كهذا، إن لم يكن أيضاً إلى مسارات أكثر راديكالية. ولا يبدو أن في المواقف أو السياسات المتوقعة من قِبَل إسرائيل ما يشير إلى غير ذلك.
تتجه إسرائيل، كما هو معروف، يوماً بعد آخر، أكثر فأكثر نحو التطرف والتعصب والعنصرية، إن لم نقل أن بعض الدوائر فيها قد وصلت إلى الفاشية أيضاً. وأسباب ذلك واضحة للغاية. فالإسرائيليون يدورون في دوامة من الاحتلال والعنف والسعي إلى السيطرة على الفلسطينيين، بل التحكم في مصير غيرهم أيضاً، وليس فقط جيرانهم الآخرين بل ربما المنطقة بأسرها. ولكنهم، في الوقت نفسه، يشعرون أنهم باتوا غير قادرين على ذلك وغير مطمئنين إلى قدراتهم على القيام به أو إلى مستقبلهم، فيتجهون نحو المزيد من التعصب والعنف والتقوقع على الذات، ليدخلهم هذا مجدداً في حلقة أخرى، حتى أكثر سرعةً وعمقاً، من الدوامة نفسها؛ وهكذا دواليك.
ومما يزيد الطين بلة أن إسرائيل، نتيجة للتطورات الجذرية المهمة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط من جهة والعالم العربي من جهة أخرى، خلال السنوات الأخيرة باتت استراتيجياً في وضع لا تحسد عليه، بل يصعب عليها العيش معه، بعقليتها الراهنة. ولذلك فإنها منهمكة جداً في معالجة مثل هذه الأوضاع ونتائجها وانعكاساتها، والفلسطينيون، بكافة شؤونهم، ليسوا جزءاً من ذلك، ولا وقت لدى إسرائيل لإضاعته معهم.
إن إسرائيل منهمكة حالياً، على المدى القصير والمُلِّح، في مجابهة ما تسميه “الخطر الإيراني”، وخصوصاً ما يضمه من المركبات الذرية. وفي هذا الإطار تقوم بحملة واسعة لابتزاز الغرب، أميركا أولاً وأوروبا ثانياً، معلنة أنها تعد لهجوم على إيران، لعرقلة نشاطها النووي على الأقل، لا إيقافه إذ ليس لديها قدرة على ذلك، بينما تسعى حقيقة لجر الغرب إلى حرب جديدة في المنطقة، خدمة لها. وفي هذا الإطار، ولتخفيف حدة الجنون الذي أصيب به بعض زعمائها، تغدق عليها المساعدات العسكرية من أميركا والأخرى، الاقتصادية والاجتماعية، من أوروبا. وأياً كانت، في أي حال، النتيجة التي ستسفر عنها مثل هذه المحاولات من الواضح أن إسرائيل، في مواجهة قدرات إيران وحلفائها المتصاعدة، تعيش دوامة إستراتيجية حقيقية. فقد فقدت، أولاً، قدرتها على العربدة في المنطقة وفرض سياساتها عليها بل أصبحت تتحسب، مثلاً، من نشاط حزب الله شمالها أو أنشطة بعض منظمات المقاومة في غزة جنوبها. ويضاف إلى ذلك، ثانياً، أنها باتت في حاجة إلى حماية من الدول الإمبريالية بعد أن كانت سابقاً تصول وتجول في المنطقة كـ”وكيل” لهم، تفرض إرادتها على جيرانها، بما يفيدها ويفيد السادة الإمبرياليين.
وإلى هذا وذاك يضاف أيضاً ذلك التغيير الجذري، وإن كان حتى الآن لا يزال بطيئاً وهادئاً، الذي يزحف تدريجياً على العرب، ممثلاً بثورات الربيع العربي، مؤذناً ببروز أنظمة حكم عربية جديدة، قائمة على الديمقراطية من جهة وتعاظم نفوذ الجماهير العربية غير المعروفة بـ”شغفها” الكبير بإسرائيل من جهة أخرى. وليس في هذا ما يساعدها على الاستمرار في انتهاج سياساتها التقليدية القديمة في التعامل مع الطغاة. صحيح أن الأميركيين يؤكدون، مثلاً، لإسرائيل أن إخوان مصر أصبحوا في الجيب الإمبريالي ولا خوف منهم ومن حكمهم على إسرائيل وبالتالي لا خوف من الربيع العربي في مصر. إلاّ أن الإسرائيليين يعلمون جيداً، ويعلم معهم الكثيرون، أن مصر أكبر وأعمق وأعرق من أن يستطيع مكتب إرشاد إخواني قيادتها. فالإخوان، مع وصول ممثلهم إلى سدة الرئاسة في مصر، وعلى خلفية نشاط سياسي متواصل لهم خلال ما يزيد على 80 سنة، ظهروا بوضوح كمن ليس لديه خطة لحكم البلد وإدارتها. وإن لم يستطيعوا، خلال كل تلك الفترة الطويلة، إعداد مثل هذه الخطة فإنهم، على الأرجح، لن يستطيعوا القيام بذلك الآن أو في المستقبل. ولذلك لن تمر إلاّ فترة محدودة، طالت أم قصرت، حتى تتجاوزهم الثورة وتستمر في طريقها مطلقة طاقات جديدة، نحو مستقبل آخر لا يبدو وردياً لإسرائيل.
وباختصار، ليس من المبالغة القول أن إسرائيل تمر في وضع حرج، ربما بائس، تجد معه أبسط أسس استراتيجيتها، التي عملت استناداً إليها خلال عقود، تنهار تدريجياً أمام عينيها. غير أن هذا بالذات لا يصب، بالضرورة، في مصلحة القضية الفلسطينية، إن لم يكن العكس تماماً هو الصحيح. فإسرائيل، في مواجهة تلك التحديات، واستناداً إلى سياساتها في الماضي، لا تتجه عموماً، في أوضاع كهذه، إلى العقلانية والاعتدال، محاولة البحث عن حلول توافقية، بل على العكس من ذلك، تمعن في تصلبها وتطرفها. ومن هنا يبدو أن الأرجح، في أوضاع كهذه، هو أن تتجه إلى غرس أظافرها وأنيابها أكثر وأكثر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ممعنة في محاولاتها للسيطرة عليها، كما تفعل منذ سنين عديدة. وليس سراً أن الفلسطينيين وكافة قضاياهم، بما في ذلك أية حلول معهم، ليسوا أول المواضيع في قائمة الهموم والاهتمامات الإسرائيلية. بل أنه، خلال السنوات الأخيرة، ولأسباب عديدة، تم تهميش القضية الفلسطينية لدرجة كبيرة، بل خطيرة للغاية. ففلسطين، بكافة أبعادها، لم تعد قضية أولية أبداً، ليس فقط بالنسبة لزعماء إسرائيل، بل أيضاً لدى أكثرية سكانها اليهود، إن لم يكن كلهم. فللجماعة هموم أخرى، بعيدة تماماً عن فلسطين، تشغلهم وتحظى باهتمامهم.
في وضع كهذا من الركود السياسي خلال فترى طويلة ومن ثم وصول كافة المسارات الأخرى إلى طرق مسدودة من جهة، وفي ضوء التطرف الإسرائيلي والتواطؤ الإمبريالي من جهة أخرى، يبدو واضحاً، ودون جهد كبير لاستقصاء ذلك، أنه لم يبق هناك إلاّ المسار الدولي طريقاً لتعامُل قد يكون ناجعاً في متابعة القضية الفلسطينية. وهذا يجب أن يتم عن طريق الجمعية العمومية لا غيرها، بعيداً عن مجلس الأمن والسيطرة والتدخل الأميركيين بالذات.
والحقيقة أن حظوظ الفلسطينيين في النجاح، على هذا الطريق، لا تبدو ضئيلة أبداً، إن لم نقل أنها تكاد تكون، مع متابعة نشطة، مضمونة وقابلة للتحقيق. ولنا في التصويت على قبول فلسطين عضوا في اليونسكو كما حدث في أواخر تشرين الأول 2011، ما يمكن أن يعتبر “بروفة” ناجحة في هذا الصدد، حيث صوتت 107 دول لصالح القرار، بينما امتنعت 52 دولة عن التصويت وعارضته 14 دولة أخرى.
إن الاعتراف بفلسطين دولة من قِبَل الجمعية العمومية يتطلب تصويت ثلثي الأعضاء لصالح قرار كهذا، أي عدداً أكثر من عدد تلك الدول التي صوتت لصالح قرار اليونسكو. ولا شك أنه، في وضع كهذا، ستقوم إسرائيل، وبصورة أكثر دقة الإمبرياليون الأميركيون نيابة عنها، ببذل كل ما في وسعهم لإحباط هذا المسعى، كما فعلوا مع طلب العضوية الذي قدم من خلال مجلس الأمن في أواخر 2011، ونجحوا أخيراً في تجميده. إلاّ أنه من المشكوك فيه أن يحالفهم الحظ هذه المرة. فالقواعد التي تتحكم في أعمال مجلس الأمن والقوى الفاعلة فيه، ليست هي نفسها القائمة في الجمعية العمومية، بتمثيلها العالمي وأساليب تصويتها. ولذلك الأرجح هو أن ينجح الفلسطينيون في استصدار قرار كهذا، رغم ما سيحاول الإسرائيليون وحُمَاتهم وضعه من عراقيل، وإن كان هذا لا يعني، بالضرورة، الركون والاعتماد على الأوضاع الحالية، بل على العكس من ذلك ينبغي حشد القوى والطاقات والعمل على نطاق واسع لتأمين الأكثرية المطلوبة.
إن عرض قضية فلسطين، مرة أخرى، على الأمم المتحدة، وعلى الرغم من وضوح مثل هذا المسعى وبساطته، من ناحية أخرى، ليس مساراً هامشياً يمكن التعامل معه بسهولة أو خفة. فمثل هذا الاتجاه يطعن الإستراتيجية الإسرائيلية، الساعية بإصرار إلى تهميش هذه القضية، في الصميم ويقلب الحسابات في هذا الصدد رأساً على عقب. كما أنه يعتبر “تحدياً” للأميركيين، بمعنى انه يسحب البساط من تحت أرجلهم ويمس بمساعيهم للهيمنة على المنطقة والتحكم في مساراتها السياسية. ولذلك لابد أن يواجهوا مثل هذه المساعي بتلك المعارضة القوية والنشاط المضاد الواسع الذي مَيَّز تحركاتهم على هذا الصعيد خلال الدورة السابقة للجمعية العمومية، إن لم يحاولوا هذه المرة القيام حتى بأكثر من ذلك. والفلسطينيون لوحدهم غير قادرين على التصدي لمثل هذه الضغوط ومجابهتها، على ما قد يتبعها من إجراءات وحصار وقطع مساعدات وحجز أموال وخلافه، ومن هنا أحسنوا صنعاً بالاتجاه إلى متابعة هذا المسار من خلال لجنة المتابعة العربية. غير أنه يبدو، في مثل هذه المعركة الواسعة، أن هذا لوحده غير كاف، أو، بلغة أخرى، ينبغي حشد وضمان تأييد تكتلات إقليمية أو منظمات عالمية أخرى. فمن المفترض، مثلاً، أن تعقد قريباً قمة للدول الإسلامية في مكة وأخرى لدول عدم الانحياز في طهران. وقد يكون من الضروري التواجد بقوة في هذه القمم والعمل على ضمان تأييدها، بل استصدار قرارات منها بمساندة مثل هذه المساعي. ولن يكون هناك أي ضرر إن قدمت الطلبات إلى الأمم المتحدة ليس من قِبَل الفلسطينيين أو المجموعة العربية وحدهم، بل أن تنضم إليهم أيضاً منظمات أو تكتلات عالمية أو إقليمية أخرى.
وإلى ذلك ينبغي أن يكون واضحاً أيضاً أن هذا المسعى الدولي لا يجوز أن يقتصر، هذه المرة، على استصدار قرار بالاعتراف بدولة فلسطين فقط، على أهميته، بل يجب أن يتعدى ذلك لجهة تنشيط هذا القرار أيضاً على الصعيد الدولي عملياً، وذلك بضمان انضمام فلسطيني كذلك عضواً في كافة المنظمات الدولية المنبثقة عن الأمم المتحدة أو المتعاونة معها، وما أكثرها، كمنظمات الصحة والاتصالات والتجارة والبريد والبيئة، وغيرها. كما ينبغي الاهتمام خاصة بالانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية لتعقب أنشطة إسرائيل غير الشرعية وكذلك منفذيها هناك. وبدون ذلك لن يكون هناك أي أمل بتحقيق أية إنجازات أو تغييرات ملموسة تذكر بالنسبة للقضية. إن الحصول على الاعتراف بفلسطين دولة، ومن ثم الاستناد إلى ذلك، مثلاً، لاستئناف “المفاوضات” مع إسرائيل، بموجب الأسس القديمة، سيكون عديم الجدوى، على أرضية المواقف الإسرائيلية المعروفة. واتجاهاً كهذا قد يكون شبيهاً بفعل ذلك الذي جمع قواه قافزاً للركوب على ظهر الحصان فوجد نفسه، لقوة القفزة التي قام بها، على الأرض ثانية في الناحية الأخرى، فيما بقى الحصان واقفاً مكانه وحيداً.
إن انتهاج مسار كهذا، ومن ثم متابعته، سيؤدي، في أي حال، إلى ممارسة الضغوط والتهديد والابتزاز ضد الفلسطينيين، على أكثر من صعيد، وهو ما ينبغي أخذه بالحسبان، في أكثر من ناحية، والاستعداد مسبقاً لمواجهته. بل ربما تكون حاجة، مثلا، لنقل هيئات أو أطر للعمل في هذا المجال إلى خارج الأراضي الفلسطينية، أي، مجرد مثل، إلى الجامعة العربية.
وبدون ذلك، وفي ضوء الهجمة الإمبريالية والصهيونية الشرسة على الفلسطينيين وحقوقهم، وإن استمر الحال على هذا المنوال، قد لا ننتظر كثيراً حتى يأتي اليوم الذي تصبح فيه الأطر والهيئات القيادية الفلسطينية، من لجنة تنفيذية أو حكومة فلسطينية، شبيهة بحكومة عموم فلسطين 1948. وبذلك تعود القضية الفلسطينية عقوداً إلى الوراء.
وفي أي حال، وأياً كانت العقبات التي ستظهر على طريق كهذا، من الواضح أنه ليس هناك مساراً آخر قد يكون مجدياً، وبالتالي لابد من إتباعه، حتى وإن تم ذلك من قبيل مكره أخاك لا بطل.
نشرت في جريدة “الايام” (رام الله)، 3/8/2012