لغة المصالح الأميركية
صبري جريس
فصل جديد في مسرحية العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية المستمرة تم عرضه مؤخراً في كل من واشنطن وتل ابيب، بدا هذه المرة مختلفاً عن تلك التي اعتدنا عليها حتى الآن. وفي هذا الفصل دروس مفيدة لكل من يعنى بالقضايا العربية، وعلى رأسها قضية فلسطين، أو من لديه النية في التعامل الجدي مع الامبرياليين والصهيونيين.
مع بداية ولايته بدا الرئيس الأميركي الحالي اوباما وكأنه “ثائر”، بالمقارنة مع أسلافه من الرؤساء الأميركيين السابقين، من حيث موقفه تجاه الإسلام والمسلمين. فبعد نصف سنة فقط على توليه مهام منصبه قام اوباما ، في مطلع حزيران 2009، بزيارة إلى القاهرة وألقى هناك خطبة عصماء كانت آية في محاولات خطب ود المسلمين والتقرب منهم، موضحاً أن بلاده، في عهده، ستسعى إلى إقامة علاقات جديدة مع العالمين العربي والإسلامي، قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وحظي هذا الخطاب، في حينه، بتقدير كبير من قبل دوائر عربية وإسلامية عديدة. وقبل ذلك بشهرين همس اوباما بكلام مماثل، خلال زيارته إلى تركيا، لطلب مساعدتها في تسهيل انسحاب الأميركيين من العراق، بعد أن فرغوا من تدميره. والى هذا وذاك مارس بعد ذلك ضغوطاً كبيرة على إسرائيل، واجبرها على وقف استيطانها في المناطق الفلسطينية المحتلة لمدة 9 أشهر، ليطلق مجدداً المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية المتعثرة، والتي لم تسفر عن نتيجة تذكر على أي حال. وباختصار، بدا الرجل وكأنه من أفضل الرؤساء الذين عرفتهم أمريكا في مواقفه من القضايا العربية والإسلامية.
ولم تعجب هذه المواقف ، بالطبع، حكومة اليمين الصهيوني في إسرائيل فبادرت إلى العمل ضد اوباما وحزبه بمساعدة اللوبي اليهودي في أمريكا، مما أدي إلى فقدان الحزب للأكثرية التي كان يتمتع بها في الانتخابات النصفية لمجلس النواب سنة 2010. ثم وسّع أولئك نشاطهم، وهم يغمزون من طرف خفي ، موحين أنهم سيعملون أيضا على إسقاط اوباما نفسه، إذا استمر في سياسته ، وخطر على باله ترشيح نفسه لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية للسنة الحالية. وكان هذا كافياً لدب الرعب في قلب الرجل ودفعه إلى تغيير مواقفه بصورة تكاد تكون شبه جذرية. ففي خطابه إمام الاجتماع السنوي للوبي اليهودي السنة الماضية (2011) تراجع اوباما تماماً عن مواقفه السابقة فنسي ما كان يتحدث عنه وتبنى خطاً جديداً أيد بموجبه علناً أكثر مواقف إسرائيل تشدداً، وبصورة غاية في الابتذال لم يقدم عليها أي رئيس أمريكي سابق.
ولم يكتف اوباما بهذا بل إضافة إلى ذلك قدم لإسرائيل دفعات عينية ملموسة على حساب مواقفه الجديدة هذه. ففي شباط 2011، مثلاً، استعملت الولايات المتحدة حق النقض ( الفيتو) ضد مشروع قرار يدين الاستيطان في المناطق المحتلة وأجهضته، رغم أن كافة أعضاء المجلس الآخرين، ودون استثناء، صوتوا إلى جانبه، هذا مع العلم أن الولايات المتحدة لم تتوقف يوماً، ولو لفظاً على الأقل، عن إعلان معارضتها للأنشطة الاستيطانية وإدانتها. وفي أيلول من العام الماضي، مثلاً ايضاً، دعا اوباما الرئيس الفلسطيني لزيارته في البيت الأبيض لحمله على التخلي عن طلب قبول فلسطين دولة في الأمم المتحدة، موضحاً أن الولايات المتحدة تعارض مثل هذا الاتجاه ،بل أنها ستقاومه. ولما لم يأبه عباس بذلك بل استمر في مساعيه، شنت الولايات المتحدة حملة دبلوماسية مضادة ومارست كافة أنواع الضغوط على أية دولة يمكنها التأثير عليها لحجب التأييد عن المسعى الفلسطيني، وتمكنت أخيرا من تجميد طلب عضوية فلسطين المقدم إلى مجلس الأمن. وهي حاولت ايضاً منع قبول فلسطين عضواً ًفي اليونسكو، إلا أن مسعاها هذا باء بالفشل. وفوق هذا وذاك وسّعت الولايات المتحدة من تعاونها الأمني والاستخباراتي مع إسرائيل، إلى درجة عالية من التنسيق، لم تعهدها العلاقات بين البلدين سابقاً، وذلك بشهادة غلاة المشددين الصهيونيين.
وبلغة أخرى، وباختصار، بدا اوباما وإدارته مجموعة من الانتهازيين، المستعدين للمتاجرة بمعظم مبادئهم ومواقفهم، إن لم يكن كلها، وبيعها لإسرائيل واللوبي اليهودي، إن كان في ذلك ما يمكن أن يزيح حجر عثرة عن طريقهم للبقاء في الحكم ولايةً ثانية.
في ضوء مثل هذه “الانجازات”، وبعد أن بدا واضحاً للعيان انه ليس من الصعب إرهاب الرئيس الأميركي وحزبه وإدارته ومن ثم لي أيديهم وابتزازهم وحملهم على تبني المواقف الصهيونية، لم يكن من المستغرب أن تلجأ إسرائيل إلى الإمعان في استغلال مثل هذه الأوضاع وابتزاز الأميركيين أكثر فأكثر، خصوصاً خلال سنة الانتخابات نفسها، لحملهم على تبني مواقفها، وربما الدخول في حرب جديدة لأجلها، وهذه المرة مع إيران، التي تهابها إسرائيل وتتخوف، بصورة خاصة، من نشاطها الذري.
ولإسرائيل ، حقاً، أسباب وجيهة للتخوف من إيران والتحسب من مواقفها وأنشطتها، حتى دون التطرق إلى المجال النووي. فهذا البلد تمكن خلال العقدين المنصرمين، بمساعدة أصدقائه في روسيا والصين وكوريا الشمالية من جهة وقواه الذاتية من جهة أخرى، من إنشاء جيش عصري قوي، مزوَد بمنظومات عسكرية، دفاعية وهجومية، جعلت من إيران قوة إقليمية يحسب لها حساب. ونتيجة لذلك استطاعت احتواء إسرائيل وتحجيمها.
ولا تستطيع إسرائيل، بالطبع، قبول مثل هذا الوضع اوالسكوت عليه بسهولة، نظراً لما قد يؤدي إليه من “تخفيض” في قيمتها ووضعها في المنطقة، بل عملياً تدمير أساس مهم، ربما كان رئيسياً في إستراتيجيتها . فقد بنت إسرائيل، منذ فترة غير قصيرة، إستراتيجيتها الأساسية على اعتبارانها الدولة الأقوى في المنطقة، التي لا يستطيع احد التصدي لها عسكرياً. ومن هنا راحت تعربد وتبتز على هواها، غير اٌبهة بأية مقترحات لأي حلول، سياسية كانت أو غير ذلك، ممعنة في سياستها الاستيطانية التوسعية والقمعية، متشبثة بمحاولاتها للسيطرة على المنطقة بأسرها.
في ضوء هذا التحدي الإيراني الكبير عادت حليمة إلى عادتها القديمة وراح زعماء إسرائيل يهددون بشن هجوم على إيران وقصف منشاٌتها النووية. إلا أنهم، هذه المرة، جوبهوا بمعارضة قوية، من داخل إسرائيل اولاً ومن ثم من خارجها ثانياً، نظرا للتخوف من ردود الفعل الإيرانية. وسرعان ما اتضح أن إسرائيل، لوحدها، غير قادرة على مهاجمة إيران، وان أخطأت وقامت بذلك فقد لا تستطيع تحمل الضربات الإيرانية المضادة، سواء تلك التي قد توجّه من إيران مباشرةً أو من حليفها في لبنان، حزب الله، أو من الطرفين معاً. ولهذا سارع قادتها إلى تغيير مسارهم وراحوا يعملون كل ما في وسعهم لحمل الولايات المتحدة على القيام بمثل هذه الحرب نيابة عنهم، محاولين تكرار الأساليب نفسها التي استعملوها السنة الماضية لحمل اوباما وإدارته عل تغيير سياستهم تجاه الفلسطينيين، وذلك من خلال محاولة استغلال حاجة الرئيس الأميركي للتأييد في حملته لإعادة انتخابه. إلا أن فأل الصهيونيين خاب هذه المرة وصدوا على أعقابهم، عندما اتضح أن مصالحهم تتعارض مع مصالح الأسياد الأميركيين. وفي الطريق إلى ذلك قدّم هذا الفصل دروساً وعبراً جديدة في كيفية التعامل، وفق مصطلحات العسكر، مع الطرفين، الامبريالي والصهيوني سواء، لمن يرى في ذلك ضرورة أو يسعى إليه.
كان واضحاً، منذ بداية الحملة الإسرائيلية ضد إيران ، بطبعتها الأخيرة، أن الأميركيين غير معنيين بالتورط في أية مغامرات عسكرية جديدة في المنطقة، وخصوصاً ضد إيران، وذلك لأسباب عديدة ووجيهة. فهُم، اولاً، منهمكون هذه السنة في الانتخابات الرئاسية، والنظام الأميركي يعاني من هوس انتخابي، إذ في كل سنة ثانية هناك انتخابات لديهم، رئيسية كانت أم فرعية، وفي سنة الانتخابات لا وقت لديهم لشن حروب أو الدخول في نزاعات. كما أنهم، ثانياً، تعلموا دروساً قاسية من حروبهم في العراق ثم أفغانستان .فبعد مرور أكثر من عقد على الحرب في أفغانستان لم تستطع الولايات المتحدة ولا الأطلسي العظيم الذي أرسل قوات إلى هناك من حسم الموقف، بحيث اضطرت أميركا مؤخراً إلى طلب وساطة قطرية مع طالبان لتضمن انسحاباً من ذلك البلد يحفظ لها ماء الوجه. بل أنها تكبدت في تلك الحرب من الخسائر ما جعل اقتصادها يترنح، وبدا أنها بحاجة إلى قروض من بعض الدول الأخرى. وإضافة إلى ذلك، ثالثاً، كان واضحاً للامبرياليين أن مصالحهم وقواتهم في المنطقة لن تسلم من رد فعل إيران إذا اعتدوا عليها ، إن تم ذلك من قبل أي من إسرائيل أو الولايات المتحدة، مجتمعتين أو منفردتين.
وفي مواجهة خطر مثل تلك المغامرات الإسرائيلية لم يقف الأميركيون مكتوفي الأيدي ، بل سارعوا إلى شن حملة إعلامية مضادة لتلك التي بدأتها إسرائيل ، وهم يحذرون من مغبة تلك المخططات الإسرائيلية وتأثيرها السلبي على المنطقة وكذلك، إن اتسعت ، على الاقتصاد العالمي بأسره. وفي الإجراءات التي اتخذوها في هذا الإطار بدت طريقة عملهم، عندما يشعرون أن مصالحهم قد تتعرض للخطر ، واضحة للغاية في إيقاف إسرائيل ومعها اللوبي اليهودي في أمريكا عند حدهم. ومما يلفت النظر، في هذا الصدد، أنهم بالإضافة إلى الحملة الإعلامية قاموا بإرسال بعثات ترأسها ، الواحدة بعد الأخرى ، كبار المسؤولين الاميركيين، وأولهم وزير الدفاع، الذي تلاه رئيس أركان الجيش الأميركي ثم تبعه نائبه لتحذير إسرائيل من مغبة مخططاتها الحربية تلك. وبموازاة ذلك تم استدعاء بعض كبار المسؤولين الإسرائيليين ، كان من بين أبرزهم رئيس الموساد، للغاية ذاتها. وفي كل تلك الجلسات تكلم الأميركيون لغة انجليزية واضحة، كلها تحذيرات لإسرائيل. والى ذلك كله قام قائد القوات البحرية الأميركية في الخليج، الذي تضم القوات التابعة له حاملتي طائرات، ومن المفترض أن تلحق الثالثة بهما، بعقد مؤتمر صحفي راعى أن يذكر فيه، على وجه التحديد، تقديراً لقيادته مفاده أن لدى إيران كمية كبيرة من المتفجرات البحرية، وكلها من صنع منزلي، كافية إذا أفلتت من عقالها وراحت “تسبح” في الخليج لكي تشل حركة الملاحة فيه تماماً، وبالتالي ستتسبب في عرقلة صادرات نحو 40 بالمائة من نفط العالم إلى الدول التي تستهلكه، على الأضرار الجسيمة التي ستصيب الاقتصاد الغربي خصوصاً جراء ذلك. ويمكن الإضافة هنا أن تلك الألغام لن تشل حركة الملاحة التجارية في الخليج فقط، بل أنها ستشل أيضا حركة سفن أمريكا الحربية، التي ستجد نفسها في وضع كهذا منهمكة في حماية أنفسها من تلك الألغام، بدلاً من أن تشارك في الاعتداء على إيران؛ وذلك دون ذكر الصواريخ البحرية الإيرانية، وهي من صنع روسي أساسا.
وفي وضع كهذا كان من الواضح أن مساعي إسرائيل لتوريط أمريكا في مغامراتها ستبوء بالفشل. بل أن احدهم نصح نتنياهو بأن يمتنع عن زيارة واشنطن، لأنه لم تعد هناك فائدة من ذلك، إذ أن النتائج معروفة سلفاً. ولم يقبل نتنياهو بهذه النصيحة فقام بزيارته، وعاد من هناك بخفي حُنين.
وحتى لا يترك الأميركيون مجالاً للشك في حقيقة مواقفهم، ويقطعوا الطريق على أية محاولات لتأويلها على غير حقيقتها، وما أن ترك نتنياهو أمريكا، وهو في طريق عودته، حتى عقد اوباما نفسه مؤتمراً صحفياً، هو الأول له منذ بداية هذه السنة، أعلن فيه إن الذين يقرعون طبول الحرب ( والكلمات له) عليهم أن يوضحوا ايضاً ما هو ثمنها، مضيفاً أن أمريكا ستدفع ثمن الحرب مع إيران. وهي، كما هو واضح، غير مستعدة لذلك.
وبهذا انتهت، مرحليا على الأقل، قصة الحرب على إيران، وانتهت معها مرحلة الابتزاز الإسرائيلية، ومرة أخرى مرحليا على الأقل.
إلا أن الدروس التي تقدمها هذه القصة لا تقف عند هذا الحد، بل تتعداه وتذهب بعيداً عن كشف ملابسات السياسة الأميركية وأبعادها وطرق عملها وكذلك القيود المفروضة عليها. والاستنتاج الأساسي منها واضح، بل انه بسيط للغاية : عندما يكتشف الامبرياليون، حتى الامبرياليين، أن مصالحهم قد تتعرض للخطر يسارعون إلى إعادة النظر في مواقفهم، بل تعديلها إن ادعت الضرورة إلى ذلك. أنها لغة المصالح التي يفهمها الأميركيون جيداً. والدلائل عليها واضحة للغاية.
ففي شهر أيلول الماضي ، مثلاً ، أثناء اللقاء بين اوباما وأبو مازن ، بدا الرجل وكأنه يستعطف الرئيس الفلسطيني كي لا “يحرجه” بطرح القضية الفلسطينية على مجلس الأمن، إذ انه بحاجة إلى أصوات اليهود (وأموالهم) لإعادة انتخابه، ولكي يضمن ذلك لا يستطيع إلا معارضة التوجهات الفلسطينية ارضاءً لهم. إلا أن قصة إيران تثبت، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الواقع عكس ذلك تماماً. فاوباما، عندما شعر بالخطر على مصالح بلده، بما في ذلك حكمه، نتيجة لمغامرات إسرائيلية غير محسوبة العواقب، لم يتردد فقط في لي يد نتنياهو، بل لوى معها ايضاً رقبة اللوبي اليهودي، الذي راح هذه السنة ” يتحدث بالأميركية” ، وفي سنة انتخابات بالذات، وأوقفهم جميعاً عند حدهم. وان كان الرجل قادراً على اتخاذ مثل هذا الموقف قبيل الانتخابات ببضعة أشهر، حيث يفترض انه في حاجة ماسة للتأييد أكثر من أي وقت آخر، فقد كان قطعاً بإمكانه القيام بذلك قبل نصف سنة. وأسباب امتناعه عن هذا، إذن، واضحة للغاية، فهو لم يجابه بضغوط عربية أو إسلامية توازي تلك التي تعرض لها من قبل الإسرائيليين ومناصريهم، فانحاز إلى جانبهم ووضعت قضية الفلسطينيين على الرف، خصوصاً بعد أن بات واضحاً أن مثل هذا الموقف لن يعرض المصالح الأميركية للخطر.
وهذا التقاعس العربي والإسلامي عن نصرة الفلسطينيين وقت الضيق معروف جداً، على أي حال، وهو قائم منذ عقود، بل لم يكن هناك من مؤشر يدل على أي تغيير فيه، خصوصاً من قبل الأنظمة التقليدية، المعروفة مواقفها، التقليدية ايضاً، منذ أمد بعيد. إلا أن بارقة أمل ظهرت مع بزوغ “الربيع العربي” الذي تحول، على أي حال، سريعاً إلى “خريف اسلاموي”. ولكن، على الرغم من ذلك، كان بالإمكان التوقع أن يبادر حتى الإسلامويين إلى نصرة الأشقاء الفلسطينيين. ولكن ما حدث فعلاً كان أسوأ مما كان يمكن أن نتوقعه من الأنظمة التقليدية القديمة. فقد كان من المتوقع، مثلاً، أن يبادر الاخوان المسلمون في مصر، عندما راحوا يقتربون من الإمساك بزمام السلطة في البلد، فعمدوا إلى خطب ود أمريكا لتحييدها وضمان وجودهم، أن يضعوا شروطاً ويقدموا طلبات يفترض أن يكون بينها نصرة فلسطين وشعبها والمسجد الأقصى “الذي باركنا حوله” على الأقل، وذلك مقابل التحاقهم بالعربة الأميركية وسيرهم وراءها. إلا أن ما فعلوه كان العكس تماماً، إذ – وكما فعل السادات قبلهم ـ رموا أنفسهم ، برخص شديد، على الأميركيين مقدمين مجاناً آيات الطاعة والولاء، بل معلنين سلفاً ايضاً التزامهم باتفاق الصلح المصري مع إسرائيل. وبدا، وباختصار، انه لا فرق بينهم وبين أسلافهم الإسلاميين التقليديين.
وفي أي حال، وسواء تفوق الاسلامويون الجدد على أسلافهم التقليديين أو ساروا في ركابهم، يبقى الدرس المستفاد من قصة إيران الأخيرة واضحاً للعيان. أن الامبرياليين يفهمون لغة المصالح جيداً ولا يترددون كثيراً في تغيير مواقفهم أن شعروا أن هناك خطر عليها وعليهم.
بقي أن نرى إن كان هناك ، من عرب أو عجم، من استوعب هذا الدرس ويحاول الإفادة منه، إن لم يكن بتطبيقه، ولو لعدم القدرة على ذلك، فعلى الأقل بتبنيه والدعوة له.
تاريخ النشر: 16/3/2012